Telegram Group Search
﴿من كان یرید حرث ٱلـٔاخرة نزد لهۥ فی حرثهۦ ومن كان یرید حرث ٱلدنیا نؤتهۦ منها وما لهۥ فی ٱلـٔاخرة من نصیب﴾

منافع الآخرة والدنيا ليست حاضرة، بل لا بد في البابين من الحرث، والحرث لا يتأتى إلا بتحمل المشاق في البذر، ثم التسقية والتنمية والحصد، ثم التنقية، فلما سمى الله كلا القسمين حرثا علمنا أن كل واحد منهما لا يحصل إلا بتحمل المتاعب والمشاق، ثم بين تعالى أن مصير الآخرة إلى الزيادة والكمال، وأن مصير الدنيا إلى النقصان ثم الفناء، فكأنه قيل: إذا كان لا بد في القسمين جميعا من تحمل متاعب الحراثة والتسقية والتنمية والحصد والتنقية، فلأن تصرف هذه المتاعب إلى ما يكون في التزايد والبقاء أولى من صرفها إلى ما يكون في النقصان والانقضاء والفناء.

[التفسير الكبير].
سبحانك اللهم وبحمدك؛ أشهدُ أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوبُ إليك.
استودعكم الله. دعواتكم بالتيسير.
مدد يا ربّ العالمين..
العبدُ وإن كان يعتقد أنه لا إله إلا الله، وأنه لا مُدبِّر إلا الله تعالى، إلا أن هذا العالم عالَمُ الأسباب .

وسمعتُ الشيخ الإمام الزاهد الوالد رحمه الله يقول : "لولا الأسباب لمَا ارتاب مرتاب".

وإذا كان الأمر كذلك فقد يُعلِّق الرجلُ القلبَ بالأسباب الظاهرة، فتارةً يعتمد على الأمير، وتارة يرجع في تحصيل مُهمّاته إلى الوزير، فحينئذٍ لا ينال إلا الحرمان ولا يجد إلا تكثير الأحزان، والحق تعالى قال : ( وهو على كل شيء وكيل ) والمقصود أن يَعلم الرجل أنه لا حافظ إلا الله، ولا مُصلِح للمهمات إلا الله، فحينئذ ينقطع طمعه عن كل ما سواه، ولا يرجع في مهم من المهمات إلا إليه.

- الإمام الرازي-
"أنهم منصورون بالمدح والتعظيم، فإن الظلمة وإن قهروا شخصًا من المُحِقّين إلا أنهم لا يقدرون على إسقاط مدحه عن ألسنة الناس"*

* الإمام الرازي.
نص مهم من تفسير الإمام الرازي في التمسُّك بالدلائل اللفظية خلافا لِما اشتهر عنه.

قال: " والدلائل اللفظية إنما يمكن التمسُّك بها إذا أبقَينا ما فيها من التركيبات والترتيبات، فأما إذا أبطلناها وأزلناها لم يمكن التمسُّك بشيء منها أصلا، وفتحُ هذا الباب يُوجِب أن لا يمكن التمسُّك بشيء من الآيات، وإنه طعنٌ في القرآن وإخراجٌ له عن كونه حُجَّة" انتهى.

وله نصٌّ آخر في" الأربعين " ذكر فيه أنه ربما يقترن بالدلائل النقلية أمور عُرف وجودها بالأخبار المتواترة، وتلك الأمور تنفي هذه الاحتمالات، وعلى هذا التقدير تكون الدلائل السمعية المقرونة بتلك القرائن الثابتة بالأخبار المتواترة مفيدةً لليقين.
العقلاء قالوا: من ابتلي بخصم جاهل مصر متعصب، ورآه قد خاض في ذلك التعصب والإصرار، وجب عليه أن يقطع الكلام معه.

الفخر الرَّازي!
المكلف قد يكون ضعيف الذهن قليل العقل سخيف الرأي فيغتر بأدنى شيء، وقد يكون فوق ذلك فلا يغتر به ولكن إذا جاءه غار وزين له ذلك الشيء وهون عليه مفاسده، وبين له منافعه، يغتر لما فيها من اللذة مع ما ينضم إليه من دعاء ذلك الغار إليه، وقد يكون قوي الجأش غزير العقل فلا يغتر ولا يغر فقال الله تعالى: ﴿فلا تغرنكم الحياة الدنيا﴾ إشارة إلى الدرجة الأولى، وقال: ﴿ولا يغرنكم بالله الغرور﴾ إشارة إلى الثانية ليكون واقعا في الدرجة الثالثة وهي العليا فلا يغر ولا يغتر.

[التفسير الكبير].
﴿وخلق منها زوجها﴾

المراد من هذا الزوج هو حواء، وفي كون حواء مخلوقة من آدم قولان: الأول وهو الذي عليه الأكثرون: أنه لما خلق الله آدم ألقى عليه النوم، ثم خلق حواء من ضلع من أضلاعه اليسرى، فلما استيقظ رآها ومال إليها وألفها، لأنها كانت مخلوقة من جزء من أجزائه، واحتجوا عليه بقول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، فإن ذهبت تقيمها كسرتها وإن تركتها وفيها عوج استمتعت بها».

[التفسير الكبير].
﴿وبث منهما رجالا كثيرا ونساء﴾

فإن قيل: لم لم يقل: وبث منهما رجالا كثيرا ونساء كثيرا ؟ ولم خصص وصف الكثرة بالرجال دون النساء ؟

قلنا: السبب فيه والله أعلم أن شهرة الرجال أتم، فكانت كثرتهم أظهر، فلا جرم خصوا بوصف الكثرة، وهذا كالتنبيه على أن اللائق بحال الرجال الاشتهار والخروج والبروز، واللائق بحال النساء الاختفاء والخمول.

#فإن_قيل_قلنا.

[التفسير الكبير].
«القول الثالث: أن المشركين كانوا يقولون: إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقتلون أنفسهم ويخسرون حياتهم فيخرجون من الدنيا بلا فائدة ويضيعون أعمارهم إلى غير شيء، وهؤلاء الذين قالوا ذلك، يحتمل أنهم كانوا دهرية ينكرون المعاد، ويحتمل أنهم كانوا مؤمنين بالمعاد إلا أنهم كانوا منكرين لنبوة محمد عليه الصلاة والسلام، فلذلك قالوا هذا الكلام، فقال الله تعالى: ولا تقولوا كما قال المشركون إنهم أموات لا ينشرون ولا ينتفعون بما تحملوا من الشدائد في الدنيا، ولكن اعلموا أنهم أحياء، أي سيحيون فيثابون وينعمون في الجنة».

فخر الدين الرازي تـ 606 هـ
﴿ولو ترىٰ إذ وقفوا علىٰ ربهم قال ألیس هـٰذا بٱلحق قالوا بلىٰ وربنا قال فذوقوا ٱلعذاب بما كنتم تكفرون﴾

فإن قيل: هذا الكلام يدل على أنه تعالى يقول لهم أليس هذا بالحق ؟ وهو كالمناقض لقوله تعالى: ﴿ولا يكلمهم الله﴾ [البقرة: ١٧٤]

والجواب أن يحمل قوله: ﴿ولا يكلمهم﴾ أي لا يكلمهم بالكلام الطيب النافع، وعلى هذا التقدير يزول التناقض ثم إنه تعالى بين أنه إذا قال لهم أليس هذا بالحق ؟ قالوا: بلى وربنا.

المقصود أنهم يعترفون بكونه حقا مع القسم واليمين. ثم إنه تعالى يقول لهم: فذوقواب العذاب بما كنتم تكفرون، وخص لفظ الذوق؛ لأنهم في كل حال يجدونه وجدان الذائق في قوة الإحساس، وقوله: ﴿بما كنتم تكفرون﴾ أي بسبب كفركم.

واعلم أنه تعالى ما ذكر هذا الكلام احتجاجا على صحة القول بالحشر والنشر؛ لأن ذلك الدليل قد تقدم ذكره في أول السورة في قوله: ﴿هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا﴾ [الأنعام: ٢] على ما قررناه وفسرناه، بل المقصود من هذه الآية الردع والزجر عن هذا المذهب والقول.

#فإن_قيل_والجواب

[التفسير الكبير].
﴿وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون﴾

اعلم أن المنكرين للبعث والقيامة تعظم رغبتهم في الدنيا وتحصيل لذاتها، فذكر الله تعالى هذه الآية تنبيها على خساستها وركاكتها.

[التفسير الكبير].
﴿إذا جاء نصر الله ورأيت النّاس يدخلون في دين الله أفواجا فسبّح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا﴾

في الآية لطائف: منها: كأنه سبحانه قال: يا محمد إن الدنيا لا يصفو كدرها ولا تدوم محنها ولا نعيمها فرحت بالكوثر فتحمل مشقة سفاهة السفهاء حيث قالوا: اعبد آلهتنا حتى نعبد إلهك فلما تبرأ عنهم وضاق قلبه من جهتهم قال: أبشر فقد جاء نصر الله، فلما استبشر قال: الرحيل الرحيل أما علمت أنه لا بد بعد الكمال من الزوال، فاستغفره، أيها الإنسان لا تحزن من جوع الربيع فعقيبه غنى الخريف، ولا تفرح بغنى الخريف فعقيبه وحشة الشتاء، فكذا من تم إقباله لا يبقى له إلا الغير ومنه:
إذا تم أمر دنا نقصه توقع زوالا إذا قيل تم

إلهي لم فعلت كذلك ؟
قال: حتى لا نضع قلبك على الدنيا بل تكون أبدا على جناح الارتحال والسفر.

تفسير مفاتيح الغيب للإمام الرازي
‏اللهم إنا نعوذ بك من اغترارنا بسترك.

الإمام الزمخشري.
﴿وعباد ٱلرحمـٰن ٱلذین یمشون على ٱلأرض هونا وإذا خاطبهم ٱلجـٰهلون قالوا سلـٰما (٦٣) وٱلذین یبیتون لربهم سجدا وقیـٰما (٦٤)﴾ [الفرقان ٦٣-٦٤]

اعلم أن قوله: ﴿وعباد الرحمن﴾ مبتدأ، خبره في آخر السورة، كأنه قيل: وعباد الرحمن الذين هذه صفاتهم أولئك يجزون الغرفة، ويجوز أن يكون خبره ﴿الذين يمشون﴾، واعلم أنه سبحانه خص اسم العبودية بالمشتغلين بالعبودية، فدل ذلك على أن هذه الصفة من أشرف صفات المخلوقات، وقرئ: ﴿وعباد الرحمن﴾.

واعلم أنه سبحانه وصفهم بتسعة أنواع من الصفات:

الصفة الأولى: قوله: ﴿الذين يمشون على الأرض هونا﴾، وهذا وصف سيرتهم بالنهار، وقرئ: "يمشون هونا" حال أو صفة للمشي، بمعنى هينين، أو بمعنى مشيا هينا، إلا أن في وضع المصدر موضع الصفة مبالغة، والهون: الرفق واللين، ومنه الحديث: «أحبب حبيبك هونا ما»، وقوله: «المؤمنون هينون لينون»، والمعنى أن مشيهم يكون في لين وسكينة ووقار وتواضع، ولا يضربون بأقدامهم، ولا يخفقون بنعالهم أشرا وبطرا، ولا يتبخترون لأجل الخيلاء، كما قال: ﴿ولا تمش في الأرض مرحا﴾ [ الإسراء: ٣٧]، وعن زيد بن أسلم؛ التمست تفسير "هونا" فلم أجد، فرأيت في النوم فقيل لي: هم الذين لا يريدون الفساد في الأرض، وعن ابن زيد: لا يتكبرون ولا يتجبرون، ولا يريدون علوا في الأرض.

الصفة الثانية: قوله تعالى: ﴿وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما﴾ معناه: لا نجاهلكم، ولا خير بيننا ولا شر، أي: نسلم منكم تسليما، فأقيم السلام مقام التسليم، ثم يحتمل أن يكون مرادهم طلب السلامة والسكوت، ويحتمل أن يكون المراد التنبيه على سوء طريقتهم لكي يمتنعوا، ويحتمل أن يكون مرادهم العدول عن طريق المعاملة، ويحتمل أن يكون المراد إظهار الحلم في مقابلة الجهل، قال الأصم: ﴿قالوا سلاما﴾ أي سلام توديع لا تحية، كقول إبراهيم لأبيه: ﴿سلام عليك﴾ [مريم: ٤٧] ثم قال الكلبي وأبو العالية: نسختها آية القتال، ولا حاجة إلى ذلك؛ لأن الإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة مستحسن في العقل والشرع، وسبب لسلامة العرض والورع.

الصفة الثالثة: قوله: ﴿والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما﴾، واعلم أنه تعالى لما ذكر سيرتهم في النهار من وجهين:أحدهما: ترك الإيذاء، وهو المراد من قوله: ﴿يمشون على الأرض هونا﴾، والآخر تحمل التأذي، وهو المراد من قوله: ﴿وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما﴾، فكأنه شرح سيرتهم مع الخلق في النهار، فبين في هذه الآيات سيرتهم في الليالي عند الاشتغال بخدمة الخالق، وهو كقوله: ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾ [السجدة: ١٦]، ثم قال الزجاج: كل من أدركه الليل قيل: بات، وإن لم ينم، كما يقال: بات فلان قلقا، ومعنى ﴿يبيتون لربهم﴾ أن يكونوا في لياليهم مصلين، ثم اختلفوا فقال بعضهم: من قرأ شيئا من القرآن في صلاة وإن قل، فقد بات ساجدا وقائما، وقيل: ركعتين بعد المغرب وأربعا بعد العشاء الأخيرة، والأولى أنه وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره، يقال: فلان يظل صائما ويبيت قائما، قال الحسن: يبيتون لله على أقدامهم ويفرشون له وجوههم تجري دموعهم على خدودهم خوفا من ربهم.

[التفسير الكبير].
2024/11/14 08:23:27
Back to Top
HTML Embed Code: